2009/07/14

خيبة المشروع الليبرالي في المملكة في ضوء قرارا النائب الثاني بمنع السينما

بالأمس أصدر سمو النائب الثاني ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز وفقه الله قرارا بمنع استحداث السينما في المملكة العربية السعودية.
المحللون رأوا في القرار ضربة موجعة لمفاصل "المشروع الليبرالي المتهالك" في المملكة فرموزه لطالما تغنوا بالسينما وهللوا لها، فبعضهم قال: إنه مشروع قادم لا محالة، وبعضهم أغلظ فيه المقال ، حتى جاء القرار على عجالة و حاسما لجدل تدافعت فيه الأفكار حول استحداث "مشروع السينما" في المملكة !
بل إن المراقبين رأوا في النمط العام لتعاطي النائب الثاني- بحسم – مع القضايا العالقة التي يتبناها الليبراليون عادة وتتناقض مع ثوابت الدين أو الوطن..
نمطا يوحي بمرحلة جديدة يسود فيها "الحجر" على المشروع الليبرالي الوليد ورموزه في كل ما يتناقض مع الثوابت في المملكة.وقد ولد "مشروع السينما" جدلا واسعا في المملكة بين من تبناه "وهم نخبة أقلية" وبين عموم المجتمع بكل مكوناته الفكرية والعلمية ، وامتد الحراك ليتمثل في خطاب صريح وشفاف وجهه سمو الأمير خالد بن طلال بن عبد العزيز بشكل مباشر لرموز التيار الليبرالي حول السينما – نشره موقع لجينيات ضمن حوارخاص مع الأمير- وخص في خطابه أخاه الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز بنصائح ودية وصريحة دعاه فيها إلى التراجع عن دعم المشاريع المصنفة في إطار التغريب و"اللبرلة" والمتناقضة مع القيم الدينية ومنها دعم "مشروع السينما" بل دعا إلى الحجر على أمواله ! وقد لقي الحوار صدى واسعا في الصحافة والمحطات العالمية بلغات شتى.
وجدير بالذكر أن تصويتا قام به موقع "صحيفة الرياض الإليكتروني" ، كشف عن أن المجتمع السعودي بغالبيته العظمى ضد استحداث السينما في المملكة وهو ما يعني أن قرار النائب الثاني سمو الأمير نايف جاء تفاعلا مع إجماع المرجعية الشرعية والذي هو قناعة المجتمع السعودي برمته .
وموضوع "استحداث السينما في المملكة" ليس موضوعا فكريا محضا بل إطاره العام شرعي محض ! وقد اتفقت المكونات الشرعية في المملكة وعلى رأسها هيئة كبار العلماء ممثلة في المفتى العام وكذلك عامة العلماء على منع استحداث دور السينما ولم يخالف في ذلك إلا قلة قليلة جدا اشترطت لقيام السينما ضوابط شرعية محددة .
ولسنا هنا في مقام مناقشة آراء العلماء ولكن حسبنا أن نتساءل: أي مصلحة للناس في استحداث دور السينما! وهل وضع الضوابط متصور الوقوع على ضوء ما جرى في بلاد المسلمين؟!! فحتى لو افترضنا أن في قيامها مصلحة ومنفعة للمجتمع فإن مفهوم المفسدة ليس منحصرا من الناحية الشرعية في ما ينشأ ابتداءا ! وإنما يشمل أيضا المنفعة التي يترتب عليها المفسدة والشر !! ولأجل هذا كان للمباح أحكام تدور مع المصلحة والمفسدة وهذه من القواعد الفقهية المشهورة .
يقول الإمام السعدي رحمه الله: "فالأمور المباحة هي بحسب ما يتوسل بها إليه، فإن توصل بها إلى فعل واجب أو مسنون كانت مأموراً بها. وإن توصل بها إلى فعل محرم أو ترك واجب، كانت محرمة منهيّاً عنها، وإنما الأعمال بالنيات الابتدائية والغائية، والله الموفق".
فليست السينما من الأولويات لنهضة الأمة وتطورها ..ولا هي من الضرورات التي لا يستقيم النظام في الحياة باختلالها ولا من الحاجيات التي تضيق الحياة بدونها!! ولا يختلف عاقلان اثنان في أن تصنيفها شرعيا ضمن التحسينيات(التي يحصل بها كمال المجتمع ) فيه مغالطة كبيرة و "جور في التصنيف" !! فواقع الحال أن الاجتماع عليها يفضي –وإن في الغد القريب- إلى اجتماع على المعصية مجسدة في معروض يناقض المعلوم تحريمه من الدين بالضرورة...
واسأل من فتحوا دور السينما من قبلنا في بلدانهم ..كيف الحال؟
وانظر إلى أول فيلم وصف جورا (بالسعودي) وسموه :"كيف الحال" !!! ستجد فيه ما يغني عن البحث والسؤال؟! وهل غالب من يتبناها ويريدها أهل الصلاح أم أهل الأهواء؟
وهل استطاعت الدول التي فتحت دور السينما إحكام الرقابة عليها ؟
وهل جرت العادة في البلدان التي فتحت دور السينما أن تكون أداة إصلاح أم مفسدة للأخلاق والقيم؟
إن الجواب على هذه الأسئلة يؤكد لنا على أن قرار النائب الثاني سمو الأمير نايف بن عبد العزيز حفظه الله قرار رجل حكيم في سياسته بصير ..قرار يهدي إلى البر والهدى ويحفظ على الأمة دينها وفكرها وعقيدتها وهويتها ونعم الله عليها ومصالحها العامة ويجسد مشروع الإصلاح الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على أسس جمعتها كلمته الحكيمة الشهيرة : نحن بالإسلام نكون أو لا نكون. ومعروف عن سمو النائب الثاني الأمير نايف أنه رجل اجتمع عليه المختلفون من المكونات الفكرية للمجتمع ، وذلك لأن قراراته -تحت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله- وسمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز تأتي في سياق مراعاة الثوابت الدينية والوطنية والمصلحة العامة للبلد ، فإن لم تجد أقلية من المجتمع في تلك القرارات بغيتها أو جاءت مناقضة لما تهواه فلأنها تنشد شيئا لا يستند على ثوابت المملكة في سياستها وليس لشيء آخر.

هناك تعليق واحد: